حوار | استغلال الهبات وترشيد المصروفات لتجاوز أزمة كورونا

حول تداعيات جائحة كورونا الاقتصادية، أجرى "عرب 48" هذا اللقاء مع الباحث والمحاضر في الشؤون الاقتصادية، د. سامي ميعاري.

حوار | استغلال الهبات وترشيد المصروفات لتجاوز أزمة كورونا

إقبال على شراء المواد الغذائية في زمن كورونا (عرب 48)

في ظل تفشي وباء كورونا وانعكاس ذلك على مختلف مناحي حياة المجتمعات، ربما أكثر ما يثقل على كاهل الناس وما يقلق المواطن هي التداعيات الاقتصادية والمعيشية التي قد تتسع وتتعمق دون أن تلوح بالأفق نهاية قريبة لهذه الأزمة.

حول تداعيات جائحة كورونا الاقتصادية، أجرى "عرب 48" هذا اللقاء مع الباحث والمحاضر في الشؤون الاقتصادية، د. سامي ميعاري.

"عرب 48": كيف تقرأ التداعيات الاقتصادية في ظل هذه الأزمة المتواصلة، ومن هي القطاعات والشرائح الاجتماعية الأكثر تضررا من هذه الأزمة؟

ميعاري: واضح جدا أن هذه الأزمة الصحية لها إسقاطات وتداعيات كبيرة على المستويين العالمي والمحلي في إسرائيل، ومن المعلوم أن إسرائيل دولة مفتوحة اقتصاديا والاستثمارات الداخلية والصادرات تشكل نسبة كبيرة من المنتوج العام الاقتصادي. ومن المؤكد أن لهذه الأزمة تأثير سلبي على النمو الاقتصادي في البلاد، ومن المتوقع أن النمو في العام 2020 سيكون سلبيا لدرجة كبيرة على المستوى العالمي العام، واليوم يتحرك العالم اقتصاديا بشكل مترابط، فعلى سبيل المثال أي شركة عملاقة لها فروع منتشرة ومترابطة بعدة دول وأحيانا يكون التخطيط والبرمجة في دولة والتصنيع في دولة أخرى والتركيب في دولة ثالثة. وهذا يعني أن تعطيل حلقة واحدة من هذه السلسلة من شأنه أن يعطل عجلة الإنتاج بشكل كلي، ولذلك نشهد في هذه الأيام انخفاضا في الطلب الكلي على الإنتاج عالميا، وهذا ما يسمى بالأزمة الاقتصادية الحقيقية، وهذا النوع من الأزمات يختلف كليا عن الأزمة الاقتصادية في العام 2008 وأزمة العام 1983. وعلى المستوى المحلي تدخل هذه الأزمة على الاقتصاد الإسرائيلي في ظل أعباء اقتصادية منها وجود عجز يصل إلى 8.3%. زد على ذلك ثلاث جولات انتخابية للبرلمان التي أثقلت كاهل الاقتصاد الإسرائيلي، وما يزيد الطين بلة عدم وجود لجان برلمانية بسبب الحكومة الانتقالية منذ أكثر من عام، لذلك رأينا على المستوى المحلي وبسرعة كبيرة انخفاضا في الطلب الكلي وارتفاعا حادا في نسبة البطالة وانخفاض المستوى المعيشي.

د. سامي ميعاري

"عرب 48": هل الإجراءات الحكومية بدعم الشرائح الاجتماعية الضعيفة والمصالح الصغيرة تشكل مخرجا وكفيلة بحل الأزمة المعيشية لهذه الشرائح، أم أن هناك إجراءات وخطوات أخرى يجب اتخاذها؟

ميعاري: واضح أن الجواب لا، لأن ذلك سيستغرق وقتا لإخراج الاقتصاد من هذه الأزمة، وباعتقادي أنه في حال تم إيجاد الدواء لهذا المرض خلال هذا الصيف لربما نحتاج على الأقل إلى عامين للتعافي من الأزمة الاقتصادية الموجودة والآخذة بالتفاقم. ميزانية الإشفاء الحكومية التي تم الحديث عنها ضرورية، لكنها غير كافية، وهذه الميزانية المطروحة ليست الوسيلة لإخراج وإنقاذ الاقتصاد من هذه الأزمة لأن تعطيل أهم وسيلة إنتاج، وهي القوى العاملة، هو تعطيل لكل المرافق الاقتصادية والإنتاجية محليا وعالميا، وبالتالي فإن خطة الإشفاء يجب أن تعيد عمل المرافق الاقتصادية وأن تعطي الدعم الكامل لجميع التجارية دون استثناء.

"عرب 48": ما هي باعتقادك السُبل الأنجع لمواجهة وتخطي هذه المحنة التي قد تمتد لشهور وأكثر حسب التوقعات؟

ميعاري: في أي أزمة اقتصادية يتم استخدام نوعين من الإستراتيجيات الاقتصادية، الأولى هي ما يسمى بسياسة الموازنة التي من خلالها يتم رفع الإنفاق من قبل الدولة لجميع المرافق والشرائح الاجتماعية لكي تزيد من الاستهلاك ودفع عجلة الإنتاج، ويتم ذلك إما عن طريق رفع نسبة الضرائب وهذه سياسة سيئة، أو عن طريق منح قروض مستقبلية أو عن طريق تقليص نفقات لا تدعم النمو، أي على سبيل المثال الإنفاق في المستوطنات وما شابه. وأعتقد أن أفضل وسيلة للخروج والتخفيف من حدة الأزمة هي الوسيلة الأخيرة.

"عرب 48": من المعروف أن المجتمع العربي يعيش حالة استهلاك كبيرة، كيف يمكن تغيير هذا النمط من الاستهلاك، وهل تنظيم وترشيد الاستهلاك قد يساعد في تخطي هذه الأزمة؟

ميعاري: واضح أن المجتمع العربي في الظروف العادية هو مجتمع مستهلك، ونحن نعيش في ظل اقتصاد القوي مقابل اقتصاد الضعيف، وهذا أدى إلى كونه مجتمع مستهلك. في ظل هذه الظروف الحالية أكثر الشرائح المتضررة بالمجتمع قطاع الأعمال العربي والعائلات العربية التي يعيش أكثر من نصفها تحت خط الفقر، لذلك احتمال إغلاق المصالح التجارية العربية أكبر بكثير من المصالح اليهودية. أما بخصوص السلوك في مثل هذه الأزمات فإنه على المجتمع العربي أن يتبع سياسة ترشيد الاستهلاك وعدم الإفراط بالمصروفات. المواد الاستهلاكية والغذائية لن تنقص من السوق، وستبقى موجودة، ولذلك فإنه على المواطن أن يضع خطة موازنة بيتية ويوّفق بين النفقات والمدخولات. وعلى مستوى الأعمال والمصالح التجارية فإنه على أربابها التوجه إلى البنوك للحصول على قروض بشروط سهلة، واستغلال التسهيلات التي منحتها الدولة، وبالإمكان التوجه لمختصين في ذلك لكي يحصلوا على الاستشارة المالية والاقتصادية.

التعليقات